أثار الهجوم المسلح الذي استهدف القصر الرئاسي في العاصمة التشادية نجامينا مساء الأربعاء الماضي موجة من التساؤلات حول أسبابه والجهات التي قد تقف وراءه، خاصة في ظل الأوضاع السياسية والأمنية المتوترة داخلياً وإقليمياً. الحادث، الذي أعلنت السلطات التشادية أنه أسفر عن مقتل 18 مهاجماً وإصابة 6 آخرين قيد الاعتقال، إلى جانب مقتل جندي واحد، جاء في توقيت حساس يشهد فيه البلد تصعيداً في العلاقة مع فرنسا عقب تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقرارات تشاد بإنهاء الاتفاقيات الأمنية مع باريس.
التوتر المتصاعد بين باريس و نجامينا
التوتر بين نجامينا وباريس تصاعد مؤخراً بعد تصريحات ماكرون، التي انتقد فيها قادة الدول الإفريقية بلهجة اعتبرها مراقبون متعالية، مذكراً بدور فرنسا في استقلال هذه الدول. الرد التشادي جاء على لسان وزير الخارجية عبد الرحمن كلام الله، الذي أعرب عن “قلق عميق” إزاء ما وصفه بـ”ازدراء ماكرون للأفارقة”. هذه التصريحات تزامنت مع قرارات اتخذتها تشاد ودول إفريقية أخرى. مثل مالي والنيجر، بإنهاء الاتفاقيات الأمنية مع فرنسا بسبب عدم نجاحها في مواجهة الجماعات المسلحة.
إقرأ أيضا : العدالة والتنمية يرفض خطوة الحكومة نحو وقف تنفيذ عقوبة الإعدام
ورغم تساؤلات عن احتمال وجود علاقة بين الهجوم وفرنسا، ينفي مراقبون وجود أي تنسيق بين باريس وجماعات مثل “بوكو حرام”، التي كانت أحد أعداء فرنسا الأساسيين في المنطقة. فرنسا دعمت الجيش التشادي في محاربة الجماعات المسلحة. حيث يشارك الجيش التشادي بـ1100 جندي في مواجهة “بوكو حرام” وتنظيم “الدولة” في غرب إفريقيا.
على الجانب الآخر، نفت الحكومة التشادية أي علاقة للهجوم بـ”بوكو حرام”. وأكدت أن المنفذين هم مواطنون تشاديون من قبيلة واحدة، مسلحون بأسلحة خفيفة وبيضاء. الحكومة أكدت سيطرتها على الوضع، مشيرة إلى أن الهجوم كان محدوداً مقارنة بتأثيره المحتمل لو كان من تنفيذ جماعة إرهابية.
الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي قد يستغل الحادث لتعزيز قبضته الأمنية، عبر تغييرات محتملة في قيادات الجيش لضمان ولائها الكامل. في المقابل، قد يرى ديبي في الحادث فرصة لإبراز قدرة الجيش التشادي على السيطرة على الوضع الأمني دون تدخل أجنبي. ما يعزز من موقف الحكومة أمام الشعب ويدعم قرار إنهاء الاتفاقيات الأمنية مع فرنسا.
الهجوم الذي يبدو في ظاهره محدوداً، يفتح الباب أمام تساؤلات أوسع حول مستقبل العلاقة بين تشاد وفرنسا، خاصة في ظل استمرار انسحاب القوات الفرنسية من تشاد المقرر اكتماله نهاية الشهر الجاري. ورغم السيطرة السريعة على الحادث، إلا أن توقيته يعكس تعقيدات المشهد في منطقة الساحل الإفريقي. حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية في ظل تزايد التهديدات الأمنية والسياسية.
تابعنا على منصة فايسبوك : https://www.facebook.com/Attalitaplus
