في خطوة مفاجئة، قامت السلطات الجزائرية بفتح معبر “زوج بغال” الحدودي مع المغرب يوم الخميس الماضي، لتسليم عشرة مواطنين مغاربة إلى السلطات المغربية. هؤلاء المواطنون، الذين ينتمون إلى مناطق بركان، وجدة، العيون الشرقية، وتاوريرت، كانوا قد قضوا فترات محكومياتهم في السجون الجزائرية، التي تراوحت بين ثلاثة أشهر وسنة ونصف. جاءت هذه الخطوة كجزء من سلسلة عمليات مشابهة قامت بها الجزائر في الآونة الأخيرة، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة تسليم 116 معتقلاً مغربياً في خمس عمليات متتالية عبر المعبر نفسه.
رغم أن هذه الخطوات تعد تطوراً إيجابياً في سياق العلاقات بين البلدين، فإن الوضع لا يزال معقداً على المستوى الإنساني. إذ يعيش العديد من الأسر المغربية حالة من القلق بسبب غياب المعلومات بشأن مصير ذويهم المحتجزين في الجزائر. تعبر هذه الأسر عن استيائها من نقص الشفافية وغياب التواصل الفعال مع السلطات الجزائرية، مما يزيد من حالة التوتر بين العائلات المتأثرة التي لا تزال تنتظر بفارغ الصبر أي أخبار تطمئنهم عن مصير أبنائهم.
من ناحية أخرى، تتابع جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة ملف المغاربة المعتقلين في الجزائر عن كثب. وتفيد الجمعية بأن هناك المئات من المغاربة لا يزالون محتجزين في السجون الجزائرية، سواء كانوا يقضون فترة عقوبة أو في حالة احتجاز احتياطي، بالإضافة إلى أولئك المحتجزين إدارياً في مراكز مؤقتة بانتظار ترحيلهم إلى المغرب. وتشير الجمعية إلى أن أوضاع هؤلاء المحتجزين تتفاوت، وأن العديد منهم يعاني من ظروف احتجاز قاسية، مما يثير القلق بشأن حقوقهم الإنسانية ومعاملتهم داخل السجون والمراكز.
إقرأ أيضا : فنلندا تدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء: تحول استراتيجي في مواقف الدول الاسكندنافية
تتطلب هذه الأزمة تحركاً عاجلاً من الحكومتين لضمان احترام حقوق الإنسان وتقديم حلول عادلة للمحتجزين وأسرهم. كما يدعو المراقبون والمنظمات الحقوقية إلى تكثيف التعاون بين السلطات الجزائرية والمغربية لتحسين الوضع، بما في ذلك تسهيل عمليات تبادل المعلومات وتعزيز الشفافية بشأن مصير المعتقلين. ومن المقترحات المطروحة لتخفيف حدة التوترات، إنشاء آلية مشتركة لمراقبة حالة المحتجزين وضمان نقلهم الآمن إلى المغرب في أقرب وقت ممكن.
في ظل هذه الظروف، يبقى الأمل معلقاً على جهود دبلوماسية أكثر تكاملاً وتعاوناً بين البلدين لتجاوز الخلافات السياسية والتوجه نحو حلول إنسانية تراعي حقوق المعتقلين وكرامة أسرهم. وفي الوقت نفسه، تتزايد الأصوات المطالبة بضرورة إيجاد إطار قانوني واضح يضمن حقوق المغاربة المحتجزين ويخفف من معاناتهم الإنسانية، بما يسهم في تحسين العلاقات الثنائية وإعادة بناء الثقة بين الشعبين.
