تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا: اعتقالات وتحريض يزيدان من تعقيد العلاقات
وسط أجواء التوتر المستمر في العلاقات الجزائرية-الفرنسية، شهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا، إذ أوقفت السلطات الفرنسية مجموعة من المؤثرين الجزائريين النشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، بتهمة “تحريضهم على الإرهاب” ونشر منشورات تحث على العنف. يأتي ذلك في وقت ما زال فيه الناشط الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال محتجزًا في الجزائر منذ نوفمبر الماضي، بتهم تتعلق بتهديد أمن الدولة، مما يضيف مزيدًا من التعقيد للعلاقات بين البلدين.
وفي حين يستنكر جون مسيحة، المستشار السابق لزعيمة اليمين الفرنسي، هذه الدعوات، ويراها تهديدًا مباشرًا للأمن الفرنسي، أبدى المحلل الجزائري علي بوخلاف استغرابه من سرعة الاعتقالات التي طالت المؤثرين الجزائريين في فرنسا. يرى بوخلاف أن التوقيت يشير إلى احتمال وجود تنسيق بين هؤلاء المؤثرين وأوساط قريبة من السلطة الجزائرية، خاصة بعد تصريحات صنصال المثيرة للجدل بشأن الحدود الجزائرية-المغربية، والتي أثارت غضب الجزائر.
التوتر لم يقتصر على حملات الاعتقال؛ إذ استدعت الجزائر في ديسمبر الماضي السفير الفرنسي ووجهت له تحذيرًا شديد اللهجة، متهمة باريس بممارسات عدائية تستهدف استقرارها. كما بثت القنوات الجزائرية وثائقيًا يتحدث عن مزاعم لتورط دبلوماسيين فرنسيين في محاولة تجنيد إرهابيين لضرب استقرار الجزائر. هذه الحوادث زادت من تعقيد العلاقات المتوترة بالفعل بين البلدين.
إقرأ أيضا : الجزائر تستدعي السفير الفرنسي وتحذره من مخططات عدائية
وعلى الجانب الفرنسي، أودع عدد من المؤثرين الجزائريين السجن الاحتياطي بتهم تتعلق بالتحريض على الإرهاب. من بينهم “زازو يوسف”، الذي نشر مقاطع فيديو تحث على مهاجمة معارضي السلطات الجزائرية، و”عماد تانتان”، الذي دعا إلى “حرق” المحتجين في مقطع أثار جدلًا واسعًا. وفي تطور آخر، أُلقي القبض على ناشط ثالث في مونبلييه بسبب منشورات عنيفة استهدفت معارضين جزائريين.
تظل العلاقات الفرنسية-الجزائرية تحت وطأة ضغوط متصاعدة، من ضمنها الخلافات بشأن الصحراء الغربية ودعم باريس لخطة الحكم الذاتي المغربية. ورغم محاولات التهدئة، يبدو أن الأزمة بين البلدين تأخذ أبعادًا جديدة تُعقّد جهود تحسين العلاقات، ما يجعل استقرارها على المدى القريب أمرًا مشكوكًا فيه.


