المشروبات الغازية: أضرار صحية تهدد الأجيال القادمة
أثارت ضجة سحب مشروبات شركة كوكا كولا لمنتجاتها في أوروبا موجة واسعة من النقاش حول سلامة المنتجات الغذائية التي يستهلكها المستهلكون يوميًا. في هذا السياق، كشف تقرير عن وجود مستويات مرتفعة من مادة الكلورات في بعض المشروبات الشهيرة المنتجة من طرف شركة “كوكا كولا”. وعلى إثر ذلك، سارعت الجهات المسؤولة في عدد من الدول الأوروبية إلى سحب هذه المنتجات من الأسواق. هذه الأزمة طرحت عدة تساؤلات حول مدى سلامة هذه المنتجات وملاءمتها لمعايير الجودة والسلامة الصحية.
في يناير 2025، أعلنت شركة كوكا كولا بلجيكا عن سحب كميات كبيرة من مشروباتها الغازية من الأسواق الأوروبية نظراً لاحتوائها على مستويات مرتفعة من مادة الكلورات. وهي مادة كيميائية قد تكون خطيرة على الصحة عند استهلاكها بكميات كبيرة على المدى الطويل.
هذه الفضيحة تثير العديد من التساؤلات حول مدى فعالية أنظمة المراقبة الصحية بالمغرب، وما إذا كانت الجهات المختصة تقوم بإجراء اختبارات دورية على المنتجات المستوردة والمصنّعة محليًا لضمان خلوها من المواد الضارة. فحتى في أكبر العلامات التجارية العالمية، مثل كوكا كولا، يمكن أن تكون هناك مخاطر خفية تهدد سلامة المستهلكين.
هل ينبغي على المستهلكين إعادة النظر في استهلاكهم لهذه المشروبات؟
الإجابة لا تبدو معقدة. المستهلكون يجب أن يراجعوا عاداتهم الغذائية، خصوصًا مع الاستهلاك المفرط للمشروبات الغازية التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر والمواد الكيميائية المضافة. الإفراط في تناول هذه المنتجات قد يؤدي إلى مشكلات صحية مثل السمنة، السكري، وأمراض القلب.
تعزيز التشريعات الصحية
يظل السؤال الأهم: هل ينبغي تعزيز التشريعات الصحية لمراقبة المنتجات الغذائية بشكل أكثر صرامة؟ نعم، الوضع الحالي يتطلب تعزيزًا أكبر لمراقبة المنتجات الغذائية بشكل عام، بما في ذلك المشروبات الغازية. فمن الضروري ضمان توفير معلومات واضحة للمستهلكين حول محتويات هذه المنتجات، بالإضافة إلى تطبيق قوانين تحدّ من الإعلانات الموجهة للأطفال أو تلك التي تروج لمنتجات قد تشكل خطرًا على صحتهم.
الأضرار الصحية للمشروبات الغازية
تعد المشروبات الغازية من أكثر المشروبات شهرة على مستوى العالم، لكنها تحمل في طياتها العديد من المخاطر الصحية. ورغم أنها توفر شعورًا سريعًا بالانتعاش، فإن الإفراط في تناولها يمكن أن يتسبب في آثار سلبية على الصحة على المدى الطويل. على سبيل المثال، في يونيو 2024، أعلنت السلطات الفرنسية عن سحب عبوات مشروب “كوكا كولا” بسبب احتوائها على مادة “بيسفينول أ”، وهي مادة كيميائية تستخدم في تصنيع العبوات البلاستيكية وقد تُسبب اضطرابات في الغدد الصماء، العقم، وحتى سرطان الثدي.
أبرز أضرار المشروبات الغازية:
- خطر السكر المفرط: تحتوي المشروبات الغازية على كميات كبيرة من السكر المضاف، مما يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري من النوع الثاني والسمنة.
- تسوس الأسنان: التفاعل بين السكريات والأحماض في هذه المشروبات يؤدي إلى تآكل مينا الأسنان وزيادة تسوس الأسنان.
- مشاكل العظام: المواد الحمضية في المشروبات الغازية مثل حمض الفوسفوريك يمكن أن تقلل من امتصاص الكالسيوم، مما يزيد من خطر هشاشة العظام.
- السمنة وأمراض القلب: المشروبات الغازية تحتوي على سعرات حرارية فارغة، مما يسهم في زيادة الوزن بشكل غير صحي وبالتالي زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
- اضطرابات الجهاز الهضمي: الكافيين والغازات الموجودة في بعض المشروبات الغازية قد تسبب مشاكل هضمية مثل الانتفاخ والحرقة.
الحلول المتاحة
يتطلب فهم هذه المخاطر منا إعادة تقييم استهلاك المشروبات الغازية، خاصة للأطفال والشباب. بدلاً من هذه المشروبات، يمكن للمستهلكين اختيار الماء أو العصائر الطبيعية أو المشروبات الخالية من السكر للحفاظ على صحة أجسامهم.
إقرأ أيضا : دراسة: تناول اللحوم الحمراء مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف
على الحكومات والمؤسسات الصحية أن تعمل على تعزيز القوانين التي تنظم تسويق هذه المنتجات، خصوصًا تلك الموجهة للأطفال. كما ينبغي فرض ضرائب على المنتجات التي تحتوي على كميات مرتفعة من السكر وزيادة الوعي بالمخاطر الصحية المرتبطة بها.
إن الفضيحة الأخيرة التي طالت شركة كوكا كولا بسبب احتواء منتجاتها على مادة الكلورات في أوروبا تؤكد الحاجة الملحة إلى رقابة أكثر صرامة على المنتجات الغذائية، خصوصًا المشروبات الغازية. من الضروري أن يكون المستهلكون أكثر وعيًا بما يتناولونه، وأن تتبنى الحكومات المزيد من الإجراءات لحماية صحة الأجيال القادمة.
الدكتور حسن الشطيبي رئيس جمعية حماية المستهل.
