محمد غازي
تكفي زيارة أحد المواطنين لمرفق من مرافق الإدارة العمومية كالخزينة العامة للمملكة أو المقاطعة ليرصد أعطابا واختلالات بالجملة، ما يحد من مردوديتها ومن جودة الخدمات التي تقدمها.
التقارير الواردة والشكاوى المتوالية من مواطنين كثر ، والتي تسيطر على منصات التواصل الاجتماعي وصفحات الجرائد الوطنية إلى جانب التقارير المنجزة من طرف المؤسسات واللجان الرسمية، تكشف أن الفساد الإداري لا يزال ينخر مرافق الإدارات العمومية، ما يحد من فعاليتها وإنتاجيتها، ويؤثر سلبا على علاقتها بالمرتفق.
وتنبه هذه التقارير إلى أن هذه الاختلالات والمظاهر السلبية لازالت مستمرة في تشويه صورة الإدارة العمومية على اعتبار أنها تشكل عائقا رئيسا أمام خدمة المواطنين وأمام الاستثمار والتنمية.
من مظاهر هذه الاختلالات أن يتقدم حارس الأمن مواطنة يقودها لمكتب من مكاتب الخزينة العامة على سبيل المثال متجاوزا طابور المرتفقين والمرتفقات الذين ينتظرون دورهم بحجة أنه يعرف ما يريد المرافق (ة) ، وأن من صلاحياته القيام بهذه الأدوار دون إمكانية قبول تدخل أو استفسار من أحد؟
ولعل من أسباب استمرار هذه المظاهر المقززة عدم احترام الآليات التقنية المنظمة لعملية أخذ الموعد وتنامي ظاهرة العشوائية مع استمرار صمت المواطنات والمواطنين الذين يحرصون على تجنب عواقب أي اعتراض من قبيل (العكس) الذي يمكن أن يتشكل كرد فعل تلقائي من أطر الإدارة المعنية.
الفساد الإداري الذي يضاف إلى تضخم القواعد القانونية وكثرة الإجراءات والمساطر الإدارية وتجلي مظاهر التسيير الانفرادي داخل الإدارة العمومية، أدت إلى خلق نمط إداري تطبعه الرتابة والبيروقراطية، ما أسفر عن خلق نوع من النفور لدى المواطنين والمستثمرين الذين باتوا عرضة لتعطيل مصالحهم جراء الافراط في التعقيدات الإدارية، الشيء الذي أثر على جودة الخدمات التي تقدمها الإدارة العمومية ووقفت حاجزا أمام مسار الإصلاح الإداري والتنمية الاقتصادية بالبلاد.
هذه السمات السلبية المتواصلة في الإدارات المغربية تؤدي حتما إلى إضعاف الجهود الاصلاحية والتقليل من مفعولها، وإلى إضعاف مردودية الجهاز الإداري وارتفاع كلفة التسيير، فضلا عن غياب تحفيز الاستثمار وانعدام الشفافية في التدابير الإدارية، وبروز ممارسات سلبية كالرشوة واستغلال النفوذ.
من الواجب على الإدارات المغربية الانخراط في مجهود التطوير الذي أحدُ أسُسه الرقمنة والحوسبة الذي أعلنه جلالة الملك غير ما مرة في خطاباته ورسائله وتوجيهاته.
وعليه فإن ضعف بنيات الاستقبال تعتبر أحد أبرز أعطاب الإدارة العمومية التي نرصدها كمواطنين كلما ولجنا إدارة من الإدارات العمومية التي عانت ولا تزال من عدة مشاكل واختلالات مرتبطة بالاستقبال وبنياته، انطلاقا من ضعف التواصل الذي يجعل المرتفق تائها ودون توجيه، وانتهاء بسوء التعامل مع المرتفقين وعدم فهم احتياجاتهم مع غياب الشفافية والوضوح في الولوج الى الخدمات العمومية.
